الخميس، 9 سبتمبر 2010

لماذا لا يرد المسلمون بحرق الإنجيل ؟!

بقلم حسين العسقلاني
          من الغريب والعجيب حقًا أن يستيقظ المسلم يومًا من أيامه العادية، ويعود من صلاة الفجر ليقرأ عبر الإنترنت ويتابع من خلال الفضائيات هذه العناوين:
          هذا المثلث المرعب من الأخبار ليس حصيلة سنة ولا شهر ولا أسبوع، بل هو يوم واحد، بل صباح واحد فقط، وما خفي طوال اليوم فالله به عليم!!
          تُرى كيف يكون تأثير هذه الأخبار وغيرها على نفسية المسلم؟!
          تُرى لو أن دينًا من الأديان أو أي فئة من الناس تتم محاربتها بهذه العالمية والحرفية والتركيز، كيف سيكون حالها؟
          تُرى كم سيحمل الفرد في قلبه من كراهية لهذه النظم العالمية التي أضحت تحاربه جهارًا نهارًا، وتسخر من دينه وكتاب ربه الذي يعتقده دستوره في الحياة، وتحتقر المسجد الذي يعتقده بيت الله؟!!
          وكأني بهذه النظم تأبى إلا أن تفسد على المسلمين اللحظات التي أمرهم الله بالفرح فيها ابتهاجا واحتفالا بالعيد، "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" (يونس:58)..
          غير أن تلك التصرفات الصبيانية والغير مسئولة والتي تنمّ عن التعالي والعنصرية وعدم احترام الآخر -هذه التصرفات - تنبئ عن قلق شديد من هذا الدين العظيم الذي يشق عبابه في خضم هذه المجتمعات وينقل الكثير من أفرادها من غياهب الظلمات إلى نور الإسلام على يد دعاةٍ إلى الله اعتمدوا الوسطية منهجًا والأخلاق الحسنة طريقًا يصلون بها إلى القلوب قبل العقول، واعتمدوا كذلك الصبر والمصابرة على الأذى والإيذاء والصبر على مغريات الحياة الدنيا في سبيل الله لتكون النتيجية إعلان أعداد كبيرة من المثقفين وذوي الرأي من أبناء هذه المجتمعات المتقدمة دخولهم في الإسلام عن قناعة وحب ورضا..
نعود إلى عنوان الموضوع الذي قد يبدو مثيرًا للوهلة الأولى لماذا لا يرد المسلمون بحرق الإنجيل ؟! ففي ولاية فلوريدا وفي كنيسة لا يتجاوز أتباعها الخمسون عزم قس يُدعى جونز حرق المصحف الشريف مدعيًا أنه السبب في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولأن العالم قد أصبح قرية صغيرة إن لم يكن كما شبهه أحد الأصدقاء بأنه "غرفة وصالة" فقد ذاع وشاع خبر هذا القس الذي ربما لم يكن يعرفه أهل البلدة المجاورة لكنيسته، وكان للفضائيات والإنترنت ووسائل الإعلام الحديثة الدور الأكبر في تكبير هذا القس حتى أضحى حديث الرائح والغادي، ورغم التحذيرات والتهديدات والمناشدات التي تلقاها إلا أنه يصرّ وبقوة على تنفيذ مخططه ويزعم أنه تلقى العديد من نسخ القرآن الكريم لحرقها كدليل على دعمه من قبل بعض مناصريه، السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان للمسيحين كتابا مقدسًا هو الإنجيل وللمسلمين كتابا مقدسا هو القرآن الكريم، وقام بعض المسيحيين بحرق أو محاولة حرق المصحف – رغم إنكار الأغلبية واستهجان هذه الخطوة –  فلماذا لا يرد المسلمون بحرق الإنجيل ؟!
والإجابة ببساطة أن المسلمين كما يؤمنون بالقرآن أنه كتاب الله يؤمنون كذلك بالإنجيل أنه كتاب الله الذي أنزله على عبده ونبيه عيسى بن مريم عليهما السلام، رغم ما ألَمَّ به من تحريف، والله سبحانه وتعالى يقول: "آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ..." (البقرة:285)
وقد أخبرنا الله عز وجل أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل ، وبدلوا كلام الله ، غير أن هذا التحريف ليس شاملاً لكل كتابهم، ولا تزال كتبهم فيها أشياء من الحق، ولهذا، لا يجوز إهانتها لأنها لا تزال تشتمل على شيء من كلام الله، ولأنها مشتملة على بعض أسماء الله تعالى وصفاته.(الإسلام سؤال وجواب)
كما أن المسلم كذلك مطالبٌ أن يخالق الناس بأخلاقه هو لا بأخلاقهم في حالة الإساءة إليه اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال في الحديث الصحيح [وخالق الناس بخلق حسن] .
          فما المطلوب إذن هل الصمت والنوم وتجاهل هذا الأمر؟ لا، بل إن المطلوب من المسلم أن ينكر ذلك بكل ما يستطيع من وسائل الإنكار حتى يرتجع أمثال هذا القسّ عن مثل هذه الأفعال المشينة والحقيرة، شرط ألا يشغله ذلك عن أداء رسالته في تبليغ رسالة الله للبشر جميعًا في يسر وروية وهدوء دون التأثّر بالجوانب السلبية، ودون التخلق بأخلاق أعداء الله والإنسانية...


هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    لماذا لا يرد المسلمون بحرق الإنجيل ؟!
    قبل الرد لى ملاحظة : الانجيل لم يعد موجودا الآن لأن تم تحريفه كلية كما قال الله تعالى {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79
    فالموجود الآن هو الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وليس الانجيل .
    نعود للمقال :
    عنوان رائع وسؤال يحمل فى طياته اجابتين :
    أولا : وهو رد فعل المسلمون على أيام الرسول عليه الصلاة والسلام لايحرقون الكتب المقدسة لدى أهل الكتاب ولكن من شدة المسلمون وقتها لم يتجرأ أحد على مهاجمة الاسلام ولنا فى قصة كعب بن الأشرف عبرة عندما قُتل على أيدى المسلمين .
    وكذلك عندما قتل المسلمون عند الكعبة استنفر الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه وكانت النتيجة فتح مكة .
    ثانيا : حال المسلمون اليوم .. كلمات .. شعارات ولاعمل
    ضعف .. هوان .. استسلام ولذلك تجرأت علينا حشرات الأرض وكما قال الصادق المصدوق من حديث ثوبان وورد فى سنن أبى داود وصححه الألبانى يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت .( حديث صحيح )
    هذا هو حال المسلمون الآن ؟ فأختم هنا بسؤال : هل سنعود كسابق عهدنا بالمسلمين الأوائل ؟ أم سنظل قصعة الآكلة ؟

    ردحذف
  2. جزاكم الله خير

    اننا لا نرد على أمثال هذا القس بحرق كتابهم المقدس كما يفعلون هم هذه من أخلاق المسلمين التى أمرنا بها الله ورسوله , ولكن مما أمرنا به الله ورسوله أيضا أننا لابد أن نوقف حياتنا كلها لنصرة هذا الدين وأن نفكر فيه وننشغل به وعندما ينتبه المسلمون لكتابهم وتعاليمه فسيفيقون مما هم فيه من تخدير وساعتها سيخشى أمثال هذا القس أن يتفوه بمثل هذه المهاطرات .

    ردحذف