مع هلال شهر رمضان من كل عام تهبّ علينا نسائم الإيمان، وتغمرنا سعادة عظيمة احتفالا واحتفاءً بقدوم هذا الضيف العزيز الذي يأبى أن يزورنا إلا مرة واحدة كل عام، وفي كل مرة يجدد لنا الذكريات ويحيي في نفوسنا آمال النصر وعزائم المجد،إننا نستطيع ودون أدنى تكلف أن نربط دائمًا بين هذه الدرجة العالية من الإيمان وهذه العزة الناتجة عن الانتصار والتي يتكرر حدوثها في شهر رمضان مرة بعد أخرى، وكثيرًا ما تختلط حلاوة الإيمان بلذة النصر وعزة المجد كلما جاء شهر رمضان...
وإذا كان النصر مع الصبر، فإن شهر رمضان هو شهر الصبر ومن ثم فهو شهر النصر..
إن ثمة درس واحد أريد أن أقف عليه اليوم، وينبغي علينا جميعا ونحن نعيش في واحات رمضان الغنَّاء، وحدائقه الفيحاء أن نعي هذا الدرس جيدًا، وهو أن الإيمان هو طريق النصر الأول، وأقصد الإيمان العملي الذي يتجاوز صاحبُه قشور العبادة إلى لبها فتحوله إلى طاقة عظيمة يأبى إلا أن يكون كل ما حوله طائعًا لله سائرًا على طريقه متمسكًا بمنهج رسوله صلى الله عليه وسلم..
هذا هو الإيمان الحقيقي الذي ينتج عنه النصر وليس الإيمان الذي لا يحرك صاحبه قيد أنملة ليأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، إن هذا الأخير إن سُمي إيمانًا فإنما هو إيمانٌ ميتٌ وفرق بينه وبين الإيمان الحيّ كما بين السماء والأرض..
وإذا كان الإيمان الحقيقي العملي هو طريق النصر، وهو باب الأمل إلى العزة، فإن الآمال لا تتحقق بمجرد التمني، وإنما تحتاج إلى جهود مستمرة، وخطط عملية، فإذا استنفد المؤمن جهده في الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، كان النصر حليفه لا محالة، وإذا غرّتَ الأماني الإنسان ، وظل يحلم دون أن يأخذ خطوة عمليةً نحو ما يريد فإنه لن يصل إلى نصر ولا عزة..
إنّ الإيمان الحقيقي إذن والذي نصل إلى ذروته في شهر رمضان يترتب عليه بل ينتج عنه الإصلاح من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد يكون رد فعل ذلك أن يكرهك البعض، ويخذلك البعض، ويؤذيك البعض، ولكن حسبك أن الله يحبك وينصرك ويحميك، فاصبر، وكانت هذه وصية لقمان الحكيم لابنه: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور" (لقمان: 17)..
إن درس الإيمان العملي هو الثمرة الأولى التي نجنيها من شهر رمضان فليحرص كل منا إذا أراد النصر لأمته، والنجاة لنفسه، والسعادة في الدنيا والآخرة، أن يعيد النظر إلى إيمانه مرة بعد مرة، وأن يتحقق من ثمرة الإيمان، وهي الإصلاح..
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ونياتنا وان يقرّ أعيننا بنصر الإسلام وعزة المسلمين
تم النشر في موقع قصة الإسلام
الله اكبر
ردحذفما شاء الله
ربنا يبارك فيك استاذنا
ويوفقك الي ما يحبه ويرضاه